رد الشبهة 16
شبهة أن معاوية رضي الله عنه كان يخالف السنة
أخرج الإمام النسائي قال : أخبرنا أحمد بن عثمان بن حكيم الأودي ، قال حدثنا خالد بن مخلد ، قال حدثنا علي بن صالح عن ميسرة بن حبيب عن ، المنهال بن عمرو( صدوق يهم) عن سعيد بن جبير قال : كنت مع بن عباس بعرفات فقال ما لي لا أسمع الناس يلبون قلت يخافون من معاوية فخرج بن عباس من فسطاطه فقال : لبيك اللهم لبيك لبيك فإنهم قد تركوا السنة من بغض علي وقال الحاكم صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه .وقال الشيخ الألباني : صحيح الإسناد. سنن النسائي .3006
وقد نوزع العلامة الألباني على جلالة قدره في هذا التصحيح ففي إسناده كما ترى خالد بن مخلد القطواني وإليك موقف الحفاظ من رواياته أما الإمام البخاري ومسلم ففحصوا رواياته ودققوها واستخرجوامنها ماكان صحيحا عندهم وتركوا مناكيره فانتقوا من روايتهِ الصحيح , وهذه الرواية من مناكير خالد بن مخلد القطواني
وهذه اقوال علماء الجرح والتعديل في خالد بن مخلد هذا : قال أبو الهيثم البَجَليّ مولاهم، الكوفي، (ت213هـ (قال في التقريب صدوق وله أفراد.. قال ابن سعد: كان منكر الحديث، ، وكتبوا عنه ضرورة. الطبقات (6: 406(وقال أحمد: له أحاديث مناكير. (العلل رواية عبد الله 2: 18 /رقم 1403).وقال الأَزْدِيّ: „في حديثه بعض المناكير،. الميزان (1/ 460). وقال إبن أبي حاتم في العلل (2/18) : " سألت أبي عن خالد بن مخلد فقال له أحاديث مناكير تقريب 1677. علي بن صالح المكي قال أبو حاتم لا أعرفه مجهول 4749.و الأمر الآخر أن ألحفاظ لم يصححوا رواياته إلا ما جاء من روايته عن أهل المدينة (كما ذكر الحافظ ابن رجب في العلل )وهذه الرواية التي نحن بصددها رواها عن أهل الكوفة وأعني علي بن صالح الكوفي الهمداني
قلت (البرزنجي) خلاصة القول :هذه الرواية من مناكير خالد بن مخلد والله اعلم. والروايات الصحيحة في المسانيد والسنن تؤكد حرص سيدنا معاوية على أتباع السنة النبوية الشريفة.
هذه ردود مقتضبة على شبهات أثيرت حول شخصية سيدنا معاوية فإن كان ما قلت صوابا فمن الله التوفيق وإن كان خطأ فمني واستغفر الله.
مواقف لسيدنا معاوية في باب السياية الشرعية
أولا شعرة معاوية أم نصيحة رسول الله الذهبية لمعاوية في باب السياسة الشرعية وتربيةأفراد المجتمع؟جاء في الخبر المرفوع يا معاوية : إنك إن تتبعت عورات الناس أفسدتهم أو كدت تفسدهم . قال الحافظ [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]في: [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط] - الصفحة أو الرقم: 2/250
إسناده صحيح وكان ابو الدرداء يرى ان معاوية قد انتفع بهذه النصيحة النبوية الشريفة كثيرا كما لفظ أبو نعيم في الحلية إنك إذا تتبعت عورات الناس أفسدتهم أو كدت أن تفسدهم . قال : فقال أبو الدرداء : كلمة سمعها معاوية من رسول الله صلى الله عليه وسلم نفعه الله بها (
وعن ابن عباس أنه قال ما رأيت رجلا أخلق بالملك من معاوية كان الناس يردون منه أرجاء واد رحب.(المصنف ح20985)و إسناده صحيح .من أجل ما سبق من النصوص النبوية الشريفة ومن اجل قوله تعالى( وقل اعملوافسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون) كان معاوية رضي الله عنه يؤكد عمليا على ديمومة التفاعل بين الحاكم والمحكوم كمفردة من مفردات الثقافة الإسلامية السائدة منذ عهد الراشدين فقد اخرج البغوي وغيره بالسند الموصول أن معاوية رضي الله عنه صعد المنبر يوم القمامة فقال عند خطبته إنما المال مالنا والفيء فيئنا فمن شئنا أعطيناه ومن شئنا منعناه فلم يجبه أحد فلما كان في الجمعة الثانية قال مثل ذلك فلم يجبه أحد فلما كان في الجمعة الثالثة قال مثل مقالته فقام إليه رجل ممن حضر المسجد فقال كلا إنما المال مالنا والفيء فيئنا فمن حال بيننا وبينه حاكمتاه إلى الله بأسيافنا فنزل معاوية فأرسل إلى الرجل فأدخله فقال القوم هلك الرجل ثم دخل الناس فوجدوا الرجل معه على السرير فقال معاوية للناس إن هذا أحياني أحياه الله سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول سيكون بعدي أمراء يقولون ولا يرد عليهم يتقاحمون في النار كما تتقاحم القردة وإني تكلمت أول جمعة فلم يرد علي أحد فخشيت أن أكون منهم ثم تكلمت في الجمعة الثانية فلم يرد علي أحد فقلت في نفسي إني من القوم ثم تكلمت في الجمعة الثالث فقام هذا الرجل فرد علي فأحياني أحياه الله قال [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]في [وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]- 5/239رجاله ثقات) وقال الذهبي هذا حديث حسن. كتاب تأريخ الاسلام عهد معاوية الصفحة 314).وكان معاوية رضي الله عنه طوال حكمه متفاعلا مع الناس وهم متفاعلون معه سوى تسميته لابنه يزيد فقد شاورهم ولكن لم ينزل عند رأي عدد من كبار الصحابة وما عدا ذلك فكان رضي الله عنه في شورى واخذ ورد وتفاعل حقيقي بين الحاكم والمحكوم فعن ابي مريم الأزدي قال دخلت على معاوية فقال ما أنعمنا بك أبا فلان وهي كلمة تقولها العرب فقلت حديثا سمعته أخبرك به سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من ولاه الله عز وجل شيئا من أمر المسلمين فاحتجب دون حاجتهم وخلتهم وفقرهم احتجب الله عنه دون حاجته وخلته وفقره قال فجعل رجلا على حوائج الناس) سنن أبي داود ح 2948 . وقال الحافظ في الفتح 13/143 إسناده جيد وخبر الصحابي الجليل مسور بن مخرمة الذي أخرجه عبد الرزاق وغيره معروف إذ كان المسور ينتقد سياسات معاوية بن أبي سفيان فلما دخل عليه لكي يستلم عطائه السنوي خاطبه معاوية يا مسور مافعل طعنك في الأئمة فقال مسوريا أمير المؤمنين دع عنك هذا وأحسن فأقسم عليه أن يخبره بما يدور في نفسه من انتقادات غير الذي يذكره في المجالس وكما قال المسور( فلم أدع شيئا أعيبه عليه إلا أخبرته به فقال يا مسور لا تبرأ من الذنوب فهل لك من ذنوب تخاف أن تهلك إن لم يغفرها الله لك قال نعم قال فما الذي يجعلك أحق بأن ترجو أنت المغفرة مني فو الله لما إلي من إصلاح الرعايا وإقامة الحدود والإصلاح بين الناس والجهاد في سبيل الله والأمور العظام لايحصيها إلا الله ولا نحصيها أكثر مما ذكرت من العيوب والذنوب وإني لعلى دين يقبل الله فيه الحسنات ويعفو عن السيئات ...ففكرت حين قال لي ما قال فعرفت أنه قد خصمني فكان المسور إذا ذكره بعد ذلك دعا له بخير) أخرجه عبد الرزاق في المصنف ورجاله رجال رجال الصحيح.(وانظر البداية والنهاية 8/136). و يستغرب المرء من جرأة بعض الكتاب على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ممن لا يتقون الله في أعراض الصحب والآل فتراه يزعم أن سيدنا معاوية هو الذي أسس للنفاق السياسي ثم يستشهد برواية موضوعة مكذوبة في إسنادها من هو منكر الحديث . وينشر ما يقول في مقالة على المواقع المعروفة على الشبكة وهو لا يدري انه بذلك يتحمل آثام كل من قرأ مقالته تلك وصدقها.غفرانك اللهم.. والسيرة الصحيحة لسيدنا معاوية تثبت خلاف ما قاله تماما. ولا أدري لمصلحة من نظل نشوه تأريخنا الإسلامي بدون علم !!!ثانيا: عرف سيدنا معاوية بحرصه على تطبيق السنة النبوية الشريفة في تفاصيل الحياة اليومية للمجتمع الإسلامي حتى انه كان ينهى الناس عن القيام له مهابة واحتراما خشية أن يخالف بذلك السنة النبوية كما اخرج احمد( 4 / 93) وابوداود وغيرهما عن أبي مجلز انه (قال: خرج معاوية على ابن الزبير وابن عامر، فقام ابن عامر، وجلس ابن الزبير، فقال معاوية
لابن عامر:اجلس فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من أحب أن يمثل له الرجال قياماً فليتبوأ مقعده من النار) والحديث صححه من المعاصرين العلامة الألباني رحمه صحيح - صحيح أبي داود 4357-وقال العلامة الوادعي رحمه الله تعالى رجاله رجال الصحيح .ثالثا: كان سيدنا معاوية حريصا على الانجاز الحضاري الذي ورثه ممن سبقه
فقد وضع الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم اللبنة الأولى لنظام اقتصادي عادل شيد صرحه فيما بعد سيدنا عمر رضي الله عنه و كان يذكر في المجالس هدفه من التنظيمات الاقتصادية وهو أن يصل بالمجتمع إلى مرحلة يكون فيها لكل فرد ذكرا كان أم أنثى حصة معلومة من الثروة العامة كما في صحيح البخاري ( لأن سلمني الله لأدعن أرامل العراق لا يحتجن لرجل بعدي أبدا) الفتح 7/74 ح 3700) ذلك الانجاز الاقتصادي المبارك بلغ القمة في التأثير والإثمار في عهد الخليفة الراشد الثالث كما صح عن عروة بن الزبير (قوله أدركت عهد عثمان وما من امرء إلا وله حق في بيت المال). و على دربهم سار سيدنا أمير المؤمنين علي رضي الله عنه وكذا الحسن الهاشمي ثم جاء معاوية رضي الله عنه فاستمر في تطبيق مبدأ العدالة الاجتماعية وتوزيع الثروات توزيعا عادلا وذلك من خلال تثبيت وتوسيع نظام العطاء السنوي فقد أخرج البغوي في معجم الصحابة ح 2197: بإسناد حسن عن أبي قبيل: كان معاوية قد جعل في كل قبيلة رجلا وكان رجلا منا يكنى أبا الحسن يصبح كل يوم فيدور على المجالس هل ولد فيكم الليلة مولود ؟ فإذا فرغ من القبيلة كلها أتى الديوان فأوقع أسمائهم في الديوان) يعني ليجري الرزق) البداية والنهاية8/137) .
وأقول أخيرا (عن حملة الانتقاص الجديدة للنيل من الصحب الكرام )لن تتوقف حملة البغضاء هذه عند سيدنا معاوية بل ستتعداها إلى بقية الصحب الكرام حتى لا يبقى لنا صحب ولا آل إلا وقد طعن في عدالته وقد حصل ذلك بالفعل ولن أنسى مرة في شهر رمضان الفائت حين شاركت في مداخلة على الهواء مباشرة من خلال إحدى الفضائيات فقال بعضهم إن الصحابة ارتدوا بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يبق منهم إلا ثلاثة على دين الإسلام وان الخلفاء الراشدين من سكنة نار جهنم والعياذ بالله فماذا بقي لنا من حملة الشريعة الغراء؟!! وما ذا بقي من خير القرون وممن قال سبحانه فيهم ( لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة) صدق الله سبحانه وصدق رسوله الأمين إذ قال عليه الصلاة والسلام (حب الأنصار آية الإيمان وبغضهم آية النفاق) البخاري ومسلم واللفظ له ,ولأهمية هذه الأحاديث فقد
ذكرها الأئمة الحفاظ في كتاب الإيمان وبوب لها مسلم قائلا( باب : الدليل على أن حب الأنصار وعلي رضي الله عنه من الإيمان وعلاماته وبغضهم من علامات النفاق) .
لقد أيقنت أن سيدنا معاوية سد منيع للذب عن أصحاب رسول الله ومن قصده أراد أن يكسر هذا السد وهيهات هيهات فقد خاب وخسر فلقد أثرت تلك الحملات المغرضة بالسلب على أصحابها فكشفتهم على حقيقتهم التي طالما أنكروها وأثرت بالإيجاب على شباب الأمة الذي اخذ يرجع إلى أقوال العلماء وتحقيقاتهم وبدأ يدرس سيرة الصحب والآل الكرام ويتعرف على فضائلهم ورد الله كيد المبغضين الحاقدين إلى نحورهم فالحمد لله أولا وآخرا .
وكتبه محمد بن طاهر